فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ قَدْ كَانُوا يَأْخُذُونَهَا صَدَقَةً لَا بِالْفَقْرِ قِيلَ لَهُ : لَمْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَهَا صَدَقَةً، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَحْصُلُ صَدَقَةً لِلْفُقَرَاءِ فَيُدْفَعُ بَعْضُهَا إلَى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ لِدَفْعِ أَذِيَّتِهِمْ عَنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلْيُسْلِمُوا فَيَكُونُوا قُوَّةً لَهُمْ، فَلَمْ يَكُونُوا يَأْخُذُونَهَا صَدَقَةً بَلْ كَانَتْ تَحْصُلُ صَدَقَةً فَتُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، إذْ كَانَ مَالُ الْفُقَرَاءِ جَائِزًا صَرْفُهُ فِي بَعْضِ مَصَالِحِهِمْ إذْ كَانَ الْإِمَامُ يَلِي عَلَيْهِمْ، وَيَتَصَرَّفُ
فِي مَصَالِحِهِمْ.
فَأَمَّا ذِكْرُ الْأَصْنَافِ فَإِنَّمَا جَاءَ بِهِ لِبَيَانِ أَسْبَابِ الْفَقْرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَارِمَ وَابْنَ السَّبِيلِ، وَالْغَازِي لَا يَسْتَحِقُّونَهَا إلَّا بِالْحَاجَةِ وَالْفَقْرِ دُونَ غَيْرِهِمَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَسْتَحِقُّونَهَا هُوَ الْفَقْرُ.


الصفحة التالية
Icon