وقال أبو السعود :
﴿ يَحْلِفُونَ بالله لَكُمْ ﴾
الخطابُ للمؤمنين خاصةً وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن ثم يأتونهم فيعتذرون إليهم ويؤكدون معاذيرَهم بالأيمان ليعذُروهم ويرضَوا عنهم أي يحلفون لكم أنهم ما قالوا ما نُقل إليهم مما يورث أذاةَ النبيِّ ﷺ وأما التخلفُ عن الجهاد فليس بداخل في هذا الاعتذارِ ﴿ لِيُرْضُوكُمْ ﴾ بذلك، وإفرادُ إرضائِهم بالتعليل مع أن عمدةَ أغراضِهم إرضاءُ الرسول ﷺ وقد قبِل عليه الصلاة والسلام ذلك منهم ولم يكذّبْهم للإيذان بأن ذلك بمعزل من أن يكون وسيلةً إلى إرضائه عليه الصلاة والسلام وأنه ﷺ إنما لم يكذبهم رفقاً بهم وستراً لعيوبهم لا عن رضا بما فعلوه كما أشير إليه ﴿ والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ أي أحقُّ بالإرضاء ولا يتسنى ذلك إلا بالطاعة والمتابعةِ وإيفاءِ حقوقِه عليه الصلاة والسلام في باب الإجلالِ والإعظامِ مَشهداً ومَغيباً وأما ما أتَوا به من الأَيمان الفاجرة فإنما يرضى به من انحصر طريقُ علمِه في الأخبار إلى أن يجيءَ الحقُّ ويزهَقَ الباطلُ. والجملةُ نصبٌ على الحالية من ضمير يحلفون أي يحلفون لكم لإرضائكم والحالُ أنه تعالى ورسولُه أحقُّ بالإرضاء منكم أي يُعرضون عما يُهِمُّهم ويجديهم ويشتغلون بما لا يَعنيهم، وإفرادُ الضمير في يُرْضوه إما للإيذان بأن رضاه عليه الصلاة السلام مندرجٌ تحت رضاه سبحانه وإرضاؤُه عليه الصلاة والسلام إرضاءٌ له تعالى لقوله تعالى :﴿ مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله ﴾ وإما لأنه مستعارٌ لاسم الإشارةِ الذي يشار به إلى الواحد والمتعدد بتأويل المذكور كما في قول رؤبة :
فيها خطوطٌ من سوادٍ وبَلَق... كأنه في الجلد توليعُ البهقْ


الصفحة التالية
Icon