وقال السمرقندى :
﴿ وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبى ﴾
قال ابن عباس : نزلت في جماعة من المنافقين منهم الجلاس بن سويد ومحشر بن خويلد وأبو ياسر بن قيس ؛ وذلك أنهم كانوا ينالون من رسول الله ﷺ، فقال رجل منهم : لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه الخبر.
فقال الجلاس : نقول ما نشاء، فإنما ﴿ هُوَ أُذُنٌ ﴾ سامعة ثم نأتيه فيصدقنا، والأذن الذي يقبل كل ما قيل له.
قال تعالى ﴿ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ ﴾، يعني : إن كان الأمر كما تذكرون فهو خير لكم، ولكنه ﴿ يُؤْمِنُ بالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾، يعني : يصدق الله ويصدق المؤمنين لا أنتم ؛ والباء واللام زائدتان، يعني : ويصدق محمد المؤمنين فذلك قوله تعالى :﴿ وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبى ﴾ يعني : من المنافقين من يؤذي النبي ﷺ، ﴿ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ﴾ ؛ يعني : سامع لمن حدثه.
﴿ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ ﴾.
قرأ العامة قل :﴿ أَذِنَ ﴾ بغير تنوين ﴿ خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾ بالكسر ؛ وقرأ بعضهم :﴿ قُلْ أُذُنُ ﴾ بالتنوين ﴿ خَيْرٌ ﴾ بالتنوين والضم.
فمن قرأ أذُنٌ بالتنوين، فمعناه إن كان محمد كما قلتم أذنٌ فهو خيرٌ لكم أي صلاح لكم، ومن قرأ بالكسر أذُنُ خَيْرٍ فهو على معنى الإضافة، أي أذن خير وأذن نعمة.
وقرأ نافع :﴿ قُلْ أُذُنُ ﴾ بجزم الذال والباقون بالضم وهما لغتان.
﴿ يُؤْمِنُ بالله ﴾، يعني : يصدق بالله تعالى في مقالته، ﴿ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ ؛ يعني : يصدق قول المؤمنين، ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ ؛ يعني : هو نعمة ﴿ لّلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ ﴾، أي هو نعمة الذين آمنوا في السر والعلانية.
قرأ حمزة ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ على معنى الإضافة، يعني : أذن رحمة، وقرأ الباقون ﴿ وَرَحْمَةً ﴾ بالضم على معنى الاستئناف.
ثم قال :﴿ والذين يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾، يعني وجيع. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon