وَأَمَّا قَوْلُهُمْ :(أُذُنٌ) فَهُوَ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّخْصِ بِاسْمِ الْجَارِحَةِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي وَصْفِهِ بِوَظِيفَتِهَا وَهُوَ كَثْرَةُ السَّمْعِ لِمَا يُقَالُ وَتَصْدِيقُهُ كَأَنَّهُ كُلَّهُ أُذُنٌ سَامِعَةٌ، كَقَوْلِهِمْ لِلْجَاسُوسِ عَيْنٌ، وَيُطْلَقُ عَلَى لَازِمِهِ وَهُوَ عَدَمُ الدِّقَّةِ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ مَا يُسْمَعُ، وَتَصْدِيقُ مَا يُعْقَلُ وَمَا لَا يُعْقَلُ، فَيُرَادُ بِهِ الذَّمُّ بِالْغَرَارَةِ وَسُرْعَةِ الِانْخِدَاعِ، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ عُيُوبِ الْمُلُوكِ وَالرُّؤَسَاءِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ قَبُولِ الْغِشِّ بِالْكَذِبِ وَالنَّمِيمَةِ وَتَقْرِيبِ الْمُنَافِقِينَ، وَإِبْعَادِ النَّاصِحِينَ. وَكَانَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يُعَامِلُ الْمُنَافِقِينَ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَآدَابِهَا الَّتِي يُعَامِلُ بِهَا عَامَّةَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى بِبِنَاءِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الظَّوَاهِرِ، فَظَنُّوا أَنَّهُ يُصَدِّقُ كُلَّ مَا يُقَالُ لَهُ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ :(أُذُنٌ) بِضَمَّتَيْنِ وَنَافِعٌ بِسُكُونِ الذَّالِ وَهُمَا لُغَتَانِ.
وَقَدْ لَقَّنَهُ اللهُ تَعَالَى الرَّدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ أَيْ : نَعَمْ هُوَ