وعندما تكلم الحق سبحانه وتعالى عن الخمر قال :﴿ إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه... ﴾ [ المائدة : ٩٠ ]
والحق لم يقل : لا تشربوا الخمر، ولكن أمر باجتناب الخمر، أي : لا تقرب أي مكان فيه خمر ؛ لأن وجود الإنسان في مكان فيه خمر قد يوحي إليه بتناولها. وقد يجد من الجالسين من يحاول إغراء من لا يشرب بأن يتناول ولو جرعة. إذن : فالحق سبحانه يريد أن يبقي النفس المؤمن أن تغرى بالمعصية فتقع فيها.
ويقول سبحانه في أدب الاعتكاف :﴿ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المساجد تِلْكَ حُدُودُ الله... ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ]
المنهي عنه هو المباشرة، أي : إن تواجدت الزوجة مع زوجها في المسجد، فليس في هذا الأمر معصية شرط ألا يباشرها الزوج، ثم يقول الحق سبحانه وتعالى :﴿ تِلْكَ حُدُودُ الله ﴾ ولم يقل : فلا تفعلوها، ولكنه قال :﴿ فَلاَ تَقْرَبُوهَا... ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ]
إذن : ففيهما نهى الله سبحانه وتعالى عنه ؛ مطلوب من المسلم ألا يقرب منه، أي : لا تكن انت والشيء الذي نهى عنه في مكان واحد، بل عليك أن تبتعد عن المكان ؛ لأن المعصية لها إغراءات، وما دمت بعيداً عن الإغراءات ؛ فأنت تعصم نفسك، أما إن اقتربت منها فقد تقع فيها.
أما في الأوامر ؛ فيقول الحق سبحانه وتعالى :﴿ فَلاَ تَعْتَدُوهَا ﴾. وعلى سبيل المثال : إن نشأ خلاف بين الزوجين وفشلت كل محاولات الصلح بينهما، يقول الحق سبحانه :﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا... ﴾ [ البقرة : ٢٢٩ ]
إذن : ففي الأوامر يقول الحق :﴿ فَلاَ تَعْتَدُوهَا ﴾، وفي النواهي يقول سبحانه :﴿ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾.


الصفحة التالية
Icon