وهذا تخريجٌ واضحٌ وقد عدل عن هذا الواضحِ جماعةٌ إلى وجوهٍ أُخرَ فقال الزمخشري :" ويجوز أن يكونَ " فأنَّ له " معطوفاً على " أنه " على أنَّ جوابَ " مَنْ " محذوفٌ تقديره : ألم يعلموا أنَّه مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ ورسولَه يُهْلَكْ فأنَّ له ". وقال الجرمي والمبرد :" أنَّ " الثانيةُ مكررةٌ للتوكيد كأن التقدير : فله نارُ جهنم، وكُرِّرت " أنَّ " توكيداً. وشبَّهه أبو البقاء بقوله تعالى :﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السوء ﴾ [ النحل : ١١٩ ]، ثم قال :﴿ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا ﴾ قال :" والفاءُ على هذا جوابُ الشرط ".
وقد رَدَّ الشيخ على الزمخشري قولَه بأنهم نصُّوا على أنه إذا حُذِف جوابُ الشرط لَزِم أن يكونَ فعلُ الشرط ماضياً أو مضارعاً مقروناً ب " لم "، والجوابُ على قولِه محذوفٌ، وفعلُ الشرطِ مضارع غيرُ مقترنٍ ب لم "، وأيضاً فإنَّا نجدُ الكلامَ تاماً بدون هذا الذي قدَّره ".
وقد نُقِل عن سيبويه أنه قال :" الثانيةُ بدلٌ من الأولى "، وهذا لا يَصِحُّ عن سيبويه فإنه ضعيف أو ممتنع. وقد ضعَّفه أبو البقاء بوجهين، أحدهما : أنَّ الفاءَ تمنعُ من ذلك، والحكمُ بزيادتِها ضعيفٌ. والثاني : أنَّ جَعْلَها بدلاً يوجب سقوط جواب " مَنْ " مِن الكلام ". وقال ابن عطية :" وهذا يُعْتَرَضُ بأنَّ الشيءَ لا يُبدل منه حتى يُسْتوفى، والأُْولى في هذا الموضع لم يأتِ خبرُها بعدُ، إذ لم يأتِ جوابُ الشرط، وتلك الجملةُ هي الخبر. وأيضاً فإنَّ الفاءَ تمانعُ البدلَ، [ وأيضاً ] فهي في معنى آخرَ غيرِ البدل فيقلقُ البدل ".
وقال بعضهم :" فيجب على تقدير اللام أي : فلأنَّ له نار جهنم وعلى هذا فلا بد من إضمار شيءٍ يتمُّ به جواب الشرط تقديره : فمُحادَّتُه لأنَّ له نارَ جهنم ".