وقال أبو حيان :
﴿ يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءُوا إن الله مخرج ما تحذرون ﴾
كان المنافقون يعيبون الرسول ويقولون : عسى الله أن لا يفشي سرنا فنزلت، قاله مجاهد.
وقال السدي : قال بعضهم : وددت أني جلدت مائة ولا ينزل فيناشىء يفضحنا، فنزلت.
وقال ابن كيسان : وقف جماعة منهم للرسول ( ﷺ ) في ليلة مظلمة عند مرجعه من تبوك ليفتكوا به فأخبره جبريل عليه السلام فنزلت.
وقيل قالوا في غزوة تبوك : أيرجو هذا الرجل أن يفتح له قصور الشام وحصونها : هيهات هيهات فأنزل الله قل استهزؤوا.
والظاهر أنّ يحذر خبر، ويدل عليه أن الله مخرج ما تحذرون.
فقيل : هو واقع منهم حقيقة لما شاهدوا الرسول يخبرهم بما يكتمونه، وقع الحذر والخوف في قلوبهم.
وقال الأصم : كانوا يعرفونه رسولاً من عند الله فكفروا حسداً، واستبعد القاضي في العالم بالله ورسوله وصحة دينه أن يكون محاداً لهما وليس ببعيد، فإنه إذا استحكم الحسد نازع الحاسد في المحسوسات.
وقيل : هو حذر أظهروه على وجه الاستهزاء حين رأوا الرسول يذكر أشياء وأنها عن الوحي وكانوا يكذبون بذلك، فأخبر الله رسوله بذلك، وأعلم أنه مظهر سرهم، ويدل عليه قوله : قل استهزؤوا.
وقال الزجاج وغيره ممن ذهب إلى التحرز من أن يكون كفرهم عناداً : هو مضارع في معنى الأمر أي : ليحذر المنافقون، ويبعده مخرج ما تحذرون، وأن تنزل مفعول يحذر، وهو متعد.
قال الشاعر :
حذر أموراً لا تضرّ وآمن...
ما ليس ينجيه من الأقدار
وقال تعالى :﴿ ويحذركم الله نفسه ﴾ لما كان قبل التضعيف متعدياً إلى واحد، عداه بالتضعيف إلى اثنين.