وقال أبو حيان :
﴿ ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن ﴾
كان قدام بن خالد وعبيد بن هلال والجلاس بن سويد في آخرين يؤذون الرسول ( ﷺ ) فقال بعضهم : لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه فيوقع بنا.
فقال الجلاس : بل نقول بما شئنا، فإنّ محمداً أذن سامعة، ثم نأتيه فيصدقنا فنزلت.
وقيل : نزلت في نبتل بن الحرث كان ينم حديث الرسول ( ﷺ ) إلى المنافقين، فقيل له : لا تفعل، فقال ذلك القول.
وقيل : نزلت في الجلاس وزمعة بن ثابت في آخرين أرادوا أن يقعوا في الرسول وعندهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس فحقروه، فقالوا : لئن كان ما يقول محمّد حقاً لنحن شر من الحمير، فغضب الغلام فقال : والله إنّ ما يقول محمد حق، وأنتم لشر من الحمير، ثم أتى رسول الله ( ﷺ ) فأخبره فدعاهم، فسألهم، فحلفوا أنّ عامراً كاذب، وحلف عامر أنهم كذبة وقال : اللهم لا تفرق بيننا حتى يتبين صدق الصادق وكذب الكاذب، ونزلت هذه الآية يحلفون بالله لكم ليرضوكم، فقال رجل : أذن إذا كان يسمع مقال كل أحد، يستوي فيه الواحد والجمع قاله الجوهري.
وقال الزمخشري : الأذن الرجل الذي يصدق كل ما يسمع، ويقبل قول كل أحد، سمي بالجارحة التي هي آلة السماع، كان جملته أذن سامعة ونظيره قولهم للرئية : عين.
وقال الشاعر :
قد صرت أذناً للوشاة سميعة...
ينالون من عرضي ولو شئت ما نالوا
وهذا منهم تنقيص للرسول ( ﷺ )، إذ وصفوه بقلة الحزامة والانخداع.
وقيل : المعنى ذو أذن، فهو على حذف مضاف قاله ابن عباس.
وقيل : أذن حديد السمع، ربما سمع مقالتنا.
وقيل : أذن وصف بنى على فعل من أذن يأذن أذناً إذا استمع، نحو أنف وشلل وارتفع.
أذن على إضمار مبتدأ أي : قل هو أذن خير لكم.
وهذه الإضافة نظيرها قولهم : رجل صدق، تريد الجودة والصلاح.
كأنه قيل : نعم هو أذن، ولكن نعم الإذن.


الصفحة التالية
Icon