وأما الإجماع فقد ذكرناه، وأما الآثار فقد ذكر حديث من سبّ نبيا فاقتلوه، وفي الحديث الصحيح : أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقتل كعب بن الأشرف، وقوله صلّى الله عليه وسلّم : من لكعب بن الأشرف فإنه يؤذى الله تعالى ورسوله، ووجه إليه من قتله غيلة دون دعوة، بخلاف غيره من المشركين، وعلل بأذاه له، فدل أن قتله إياه لغير الإشراك، بل للأذى.
وكذلك قتل أبا رافع، قال البراء : وكان يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويعيش عليه وكذلك أمره يوم الفتح بقتل ابن خطل وجاريتيه اللتين كانتا تغنيان في سبه صلّى الله عليه وسلّم وفي حديث آخر : أن رجلا كان يسبه صلّى الله عليه وسلّم فقال : من يكفيني عدوى ؟ فقال خالد : أنا فبعثه النبي صلّى الله عليه وسلّم فقتله، وكذلك أمر بقتل جماعة منهم ممن كان يؤذية من الكفار ويسبه كالنضر بن الحارث وعقبة بن أبى معيط، وعهد بقتل جماعة منهم قبل الفتح وبعده فقتلوا إلا من بادر بإسلامه قبل القدرة عليه.
وقد روى البزار عن ابن عباس قال : إن عقبة بن أبي معيط نادى : يا معشر قريش ما لي أقتل من بينكم صبرا، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم : بكفرك وافترائك على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذكر عبد الرزاق أن النبي صلّى الله عليه وسلّم سبه رجل فقال : من يكفيني عدوي ؟ فقال الزبير : أنا، فبارزه، فقتله الزبير. وروي أيضا أن امرأة كانت تسبه صلّى الله عليه وسلّم فقال : من يكفيني عدوي ؟ فخرج إليها خالد بن الوليد فقتلها، ويروى أن رجلا كذب على النبي صلّى الله عليه وسلّم فبعث علي والزبير - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - إليه ليقتلاه، وروى ابن قانع أن رجلا جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال :
يا رسول الله! سمعت أبى يقول فيك قولا قبيحا فقتلته، فلم يشق ذلك على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وبلغ المهاجر بن أبي أمية أمير اليمن لأبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أن امرأة هناك في الردة غنت بسب النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقطع يدها ونزع ثنيتها، فبلغ أبا بكر ذلك فقال له : لو لا ما فعلت لأمرتك بقتلها، لأن حد الأنبياء ليس يشبه الحدود.
وعن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - قال : هجت امرأة من خطمة النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : من لي بها ؟ فقال رجل من قومها : أنا يا رسول الله، فنهض فقتلها، فأخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : لا ينتطح فيها عنزان.