مثل هذا ممن جاء به، وقد أنكر الرشيد على أبي نواس قوله :
فإن يك باق سحر فرعون فيكم فإن عصا موسى بكف خصيب
قال له : يا بن اللخناء، أنت المستهزئ بعصا موسى ؟ وأمر بإخراجه عن عسكره من ليلته.
وذكر القتبي : أن مما أخذ عليه أيضا أو كفر به أو قارب، قوله في محمد الأمين، تشبيهه إياه بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم حيث قال :
تنازع الأحمدان الشبه فاشتبها خلقا كما قد الشراكان
وقد أنكروا أيضا قوله :
كيف لا بد فيك من أمل من رسول من نفره
لأن حق الرسول صلّى الله عليه وسلّم وموجب تعظيمه، وأناقة منزلته، أن يضاف إليه ولا يضاف، فالحكم في أمثال هذا ما بسطناه في طريق الفتيا على هذا المنهج جاءت فتيا إمام مذهبنا مالك بن أنس وأصحابه، ففي (النوادر) من رواية ابن أبي مريم عنه في رجل عيّر رجلا بالفقر، فقال : تعيرني بالفقر وقد رعى النبي صلّى الله عليه وسلّم الغنم ؟ فقال مالك : قد عرض بذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم في غير موضعه، أرى أن يؤدب، قال : ولا ينبغي لأهل الذنوب إذا عوتبوا أن يقولوا : قد أخطأت الأنبياء قبلنا.
وقال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - لرجل : انظر لنا كاتبا يكون أبوه عربيا، فقال كاتب له : قد كان أبو النبي كافرا! فقال : جعلت هذا مثلا ؟
فعزله وقال : لا تكتب لي أبدا، وقد كره سحنون أن يصلّى على النبي صلّى الله عليه وسلّم عند التعجب إلا على طريق الثواب والاحتساب توقيرا له وتعظيما كما أمرنا الله تعالى.
وسأل القابسيّ عن رجل قال لرجل قبيح : كأنه وجه نكير، ولرجل عبوس :
كأنه وجه مالك الغضبان! فقال أبي شيء أراد بهذا ؟ ونكير أحد فتاني القبر، وهما ملكان، فما الّذي أراد ؟ أروع دخل عليه حين رآه من وجهه ؟ أم خاف النظر إليه لدمامة خلقه ؟ قال : فإن قال هذا فهو شديد لأنه جرى مجرى