" صنم أمتي الدينار والدرهم " وقال ـ ﷺ ـ :" لكل أمة عجل وعجل أمتي الدينار والدرهم " فلا فرق بين ظن المشرك أن الصنم الذي صنعه بيده ينفعه وظن المفتونين من هذه الأمة أن ما اكتسبوا من الدينار والدرهم ينفعهم حتى يشير مثلهم : ما ينفعك إلا درهمك ﴿يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم﴾ [ التوبة : ٧٤ ] فما من آية نزلت في المشركين في ذكر أحوالهم وتبيين ضلالهم وتفاصيل سرهم وإعلانهم إلا وهي منطبقة على كل مفتون بديناره ودرهمه، فموقع قول المشركين في أصنامهم ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ [ الزمر : ٣ ] مثله موقع نظيره من قول المفتون : ما أحب المال إلا لأعمل الخير وأستعين به على وجوه البر، ولو أراد البر لكان ترك التكسب والتمول له أبر : قال ـ ﷺ ـ " إنما أهلك من كان قبلكم الدينار والدرهم وهما مهلكاكم " فكل من أحبهما وأعجب بجمعهما فهو مشرك هذه الأمة وهما لاته وعزاه اللتان تبطلان عليه قول لا إله إلا الله لأنه تأله ماله ؛ قال ـ ﷺ ـ " لا إله إلا الله نجاة لعباد الله من عذاب الله ما لم يؤثروا صفقة دنياهم على دينهم " فمن وجد من هذا مسة فليسمع جميع ما أنزل في المشركين من القرآن منطبقاً عليه ومنزلاً إليه وحافاً به حتى يخلصه الله من شركه كما خلص من أخرجه من الظلمات إلى النور من الأولين، فتخلص هذا المشرك بما له من ظلمته التي غشيت ضعيف إيمانه إلى صفاء نور الإيمان في مضمون قوله تعالى ﴿ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور﴾ [ الطلاق : ١١ ] فهذا وجه تفضيل يبين نحواً من تكرر دين الشرك في هذه الأمة، وأما وجه وقوع المجوسية، ونظيرها في هذه الأمة فإطباق الناس على رؤية الأفعال من أنفسهم خيرها وشرها وإسنادهم أفعال الله إلى خلقه حيث استحكمت عقائدهم على أن فلاناً فاعل وفلاناً فاعل شر وفلاناً يعطي وفلاناً يمنع


الصفحة التالية
Icon