ولما كان كأنه قيل : ما نبأهم؟ قال :﴿أتتهم رسلهم﴾ أي أتى كل أمة منهم رسولها ﴿بالبينات﴾ أي بالمعجزات الواضحات جداً بسبب أنهم ارتكبوا من القبائح ما أوجب دمارهم ﴿فما﴾ أي فتسبب عن ذلك أنه ﴿ما﴾ ﴿كان الله﴾ أي مع ما له من صفات الكمال مريداً ﴿ليظلمهم﴾ أي لأن يفعل بهم في الإهلاك قبل الإنذار وإنارة البينات فعل من تعدونه فيما بينكم ظالماً، ولكنه أرسل إليهم الرسل فكذبوا ما أتوهم به من البينات، فصار العالم بحالهم إذا سمع بهلاكهم وبزوالهم يقول : ما ظلمهم الله ﴿ولكن كانوا﴾ أي دائماً في طول أعمارهم ﴿أنفسهم﴾ أي لاغيرها ﴿يظلمون﴾ أي بفعل ما يسبب هلاكها، فإن لم ترجعوا أنتم فنحن نحذركم مثل عذابهم، ولعله خص هؤلاء بالذكر من بين بقية الأمم لما عند العرب من أخبارهم وقرب ديارهم من ديارهم مع أنهم كانوا أكثر الأمم عدداً، وأنبياؤهم أعظم الأنبياء - نبه على ذلك أبو حيان.


الصفحة التالية
Icon