وقال ابن عطية :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾
قوله ﴿ جاهد ﴾ مأخوذ من بلوغ الجهد وهي مقصود بها المكافحة والمخالفة، وتتنوع بحسب المجاهد فجهاد الكافر المعلن بالسيف، وجهاد المنافق المتستر باللسان والتعنيف والاكفهرار في وجهه، ونحو ذلك، ألا ترى أن من ألفاظ الشرع قوله ﷺ " والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله "، فجهاد النفس إنما هو مصابرتها باتباع الحق وترك الشهوات، فهذا الذي يليق بمعنى هذه الآية لكنا نجلب قول المفسرين نصاً لتكون معرضة للنظر، قال الزجّاج : وهو متعلق في ذلك بألفاظ ابن مسعود : أمر في هذه الآية بجهاد الكفار والمنافقين يالسيف، وأبيح له فيها قتل المنافقين، قال ابن مسعود : إن قدر وإلا فباللسان وإلا فبالقلب والاكفهرار في الوجه.
قال القاضي أبو محمد : والقتل لا يكون إلا مع التجليح ومن جلح خرج عن رتبة النفاق، وقال ابن عباس : المعنى " جاهد المنافقين " باللسان، وقال الحسن بن أبي الحسن : المعنى جاهد المنافقين بإقامة الحدود عليهم، قال : وأكثر ما كانت الحدود يومئذ تصيب المنافقين.


الصفحة التالية
Icon