وقال أبو حيان :
﴿ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ﴾
لما ذكر وعيد غير المؤمنين وكانت السورة قد نزلت في المنافقين بدأبهم في ذلك بقوله :﴿ وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم ﴾ ولما ذكر أمر الجهاد، وكان الكفار غير المنافقين أشد شكيمة وأقوى أسباباً في القتال وإنكاء بتصديهم للقتال، قال : جاهد الكفار والمنافقين فبدأ بهم.
قال ابن عباس وغيره : جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان.
وقال الحسن وقتادة : والمنافقين بإقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها.
وقال ابن مسعود : جاهدهم باليد، فإن لم تستطع فباللسان، فإن لم تستطع فبالقلب، وإلاكفرار في وجوههم، وأغلظ عليهم في الجهادين.
والغلظ ضد الرقة، والمراد خشونة الكلام وتعجيل الانتقام على خلاف ما أمر به في حق المؤمنين.
واخف جناحك للمؤمنين وكل من وقف منه على فساد في العقائد، فهذا حكمه يجاهد بالحجة، ويستعمل معه الغلظ ما أمكن. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ يا أيها النبى جاهد الكفار ﴾
أي المجاهرين منهم بالسيف ﴿ والمنافقين ﴾ بالحجة وإقامة الحدود ﴿ واغلظ عَلَيْهِمْ ﴾ في ذلك ولا تأخُذْك بهم رأفة. قال عطاء : نسَخت هذه الآيةُ كلَّ شيء من العفو والصفح ﴿ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ﴾ جملةٌ مستأنفةٌ لبيان آجل أمرِهم إثرَ بيانِ عاجلِه، وقيل : حالية ﴿ وَبِئْسَ المصير ﴾ تذييلٌ لما قبله والمخصوصُ بالذم محذوف. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾