وقال القرطبى :
﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾
فيه ست مسائل :
الأُولى قوله تعالى :﴿ يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ ﴾ رُوي أن هذه الآية نزلت في الجُلاَس بن سُويد بن الصامت، ووديعة بن ثابت ؛ وقعوا في النبيّ ﷺ وقالوا : والله لئن كان محمد صادقاً على إخواننا الذين هم ساداتنا وخيارنا لنحن شر من الحمير.
فقال له عامر بن قيس : أجل! والله إن محمداً لصادق مصدَّق ؛ وإنك لشر من حمار.
وأخبر عامر بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وجاء الجُلاَس فحلف بالله عند منبر النبيّ ﷺ إن عامراً لكاذب.
وحلف عامر لقد قال، وقال : اللّهُمّ أنزل على نبيّك الصادق شيئاً، فنزلت.
وقيل : إن الذي سمعه عاصم بن عدِيّ.
وقيل حذيفة.
وقيل : بل سمعه ولد امرأته واسمه عمير بن سعد ؛ فيما قال ابن إسحاق.
وقال غيره : اسمه مصعب.
فهمّ الجُلاَس بقتله لئلا يخبر بخبره ؛ ففيه نزل :﴿ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ ﴾.
قال مجاهد : وكان الجُلاَس لما قال له صاحبه إني سأُخبر رسول الله ﷺ بقولك همّ بقتله، ثم لم يفعل، عجز عن ذلك.
قال، ذلك هي الإشارة بقوله، ﴿ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ ﴾.
وقيل : إنها نزلت في عبد الله بن أُبَيّ، رأى رجلاً من غِفار يتقاتل مع رجل من جُهينة، وكانت جُهينة حلفاء الأنصار، فعلا الغِفارِيُّ الجُهَنِيّ.
فقال ابن أُبيّ : يا بني الأَوْسِ والخزرج، انصروا أخاكم! فوالله ما مَثَلُنا ومثل محمد إلا كما قال القائل :"سَمِّن كَلْبَك يأكلك"، ولئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجنّ الأعزُّ منها الأذَلَّ.
فأخبر النبيّ ﷺ بذلك، فجاءه عبد الله بن أُبيّ فحلف أنه لم يقله ؛ قاله قتادة.
وقول ثالث أنه قول جميع المنافقين ؛ قاله الحسن.


الصفحة التالية
Icon