﴿ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الكفر ﴾ هي ما حُكي آنفاً والجملةُ مع ما عطف عليها اعتراضٌ ﴿ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إسلامهم ﴾ أي وأظهروا ما في قلوبهم من الكفر بعد إظهارِهم الإسلامَ ﴿ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ ﴾ هو الفتكُ برسول الله ﷺ بعد وذلك أنه ( توافقَ خمسةَ عشرَ منهم على أن يدفعوه عليه الصلاة والسلام عن راحلته إذا تسنّم العقبةَ بالليل وكان عمارُ بنُ ياسر آخذاً بخِطام راحلته يقودها وحذيفةُ بنُ اليمان خلفها يسوقُها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفافِ الإبل وبقعقعة السلاحِ فالتفت فإذا قومٌ متلثّمون فقال : إليكم إليكم يا أعداءَ الله فهربوا ). وقيل : هم المنافقون همّوا بقتل عامر لرده على الجلاس، وقيل : أرادوا أن يتوِّجوا عبدَ اللَّه بنَ أبيِّ بنِ سَلول وإن لم يرضَ به رسولُ الله ﷺ ﴿ وَمَا نَقَمُواْ ﴾ أي وما أنكروا وما عابوا أو ما وجدوا ما يورث نَقِمتَهم ﴿ إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ﴾ سبحانه وتعالى وذلك أنهم كانوا حين قدم رسولُ الله ﷺ المدينةَ في غاية ما يكون من ضنْك العيشِ لا يركبون الخيلَ ولا يحوزون الغنيمة فأثروا بالغنائم وقُتل للجلاس مولى فأمر رسولُ الله ﷺ بديته اثنى عشَرَ ألفَ درهم فاستغنى، والاستثناء مفرَّغٌ من أعم المفاعيل أو من أعم العلل أي وما أنكروا شيئاً من الأشياء إلا إغناءَ الله تعالى إياهم أو وما أنكروا لعلة من العلل إلا لإغناء الله إياهم ﴿ فَإِن يَتُوبُواْ ﴾ عما هم عليه من الكفر والنفاق ﴿ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ ﴾ في الدارين.


الصفحة التالية
Icon