﴿ وَمَا نَقَمُوا ﴾ أي ما كرهوا وعابوا شيئاً ﴿ إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ﴾ فالاستثناء مفرغ من أعم المفاعيل أي وما نقموا الإيمان لأجل شيء إلا لإغناء الله تعالى إياهم فيكون الاستثناء مفرغاً من أعم العلل وهو على حد قولهم : مالي عندك ذنب إلا أني أحسنت إليك.
وقوله :
ما نقم الناس من أمية إلا...
أنهم يحملون إن غضبوا
وهو متصل على إدعاء دخوله بناء على القول بأن الاستثناء المفرغ لا يكون منقطعاً، وفيه تهكم وتأكيد الشيء بخلافة كقوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم...
البيت، وأصل النقمة كما قال الراغب الإنكار باللسان والعقوبة والأمر على الأول ظاهر وأما على الثاني فيحتاج إلى الاتكاب المجاز بأن يراد وجدان ما يورث النقمة ويقتضيه، وضمير ﴿ أَغْنَاهُمُ ﴾ للمنافقين على ما هو الظاهر، وكان إغناؤهم بأخذ الدية، فقد روي أنه كان للجلاس مولى قتل وقد غلب على ديته فأمر رسول الله ﷺ بها اثنى عشر ألفاً فأخذها واستغنى، وعن قتادة أن الدية كانت لعبد الله بن أبي وزيادة الألفين كانت على عادتهم في الزيادة على الدية تكرماً وكانوا يسمونها شنقاً كما في الصحاح.