فاتَّخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود، حتى ضاقت بها أزقة المدينة فتنحى بها وكان يشهد الصلوات مع رسول الله ﷺ ثم يخرج إليها ثم نمت حتى تعذرت عليها مراعي المدينة فتنحى بها، وكان يشهد الجمعة مع رسول الله ﷺ، ثم يخرج إليها ثم نمت، فترك الجمعة والجماعات وجعل يتلقى الركبان ويقول : ماذا عندكم من الخير؟ وما كان من أمر الناس؟ فأنزل الله تعالى على رسوله :﴿ خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلواتك سَكَنٌ لَّهُمْ والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [ التوبة : ١٠٣ ] فاستعمل النبي ﷺ رجلين على الصدقات : رجلاً من الأنصار، ورجلاً من بني سليم، وكتب لهما كتاب الصدقة، وأمرهما أن يصدقا الناس، وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله.
فأتيا ثعلبة وطلبا منه، فقال : صدِّقا الناس، فإذا فرغتما فمرا بي.
ففعلا، فلما رجعا إليه وطلبا منه فأبى وقال : ما هذه إلا أخية الجزية.
فانطلقا حتى أتيا رسول الله ﷺ، فأخبراه فأنزل الله تعالى :﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصالحين فَلَمَّا ءاتَاهُمْ مّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِى قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ﴾.
فركب رجل من الأنصار هو ابن عم لثعلبة راحلته حتى أتى ثعلبة فقال : ويحك يا ثعلبة هلكت قد أنزل الله فيك من القرآن كذا وكذا : فأقبل ثعلبة بن حاطب وجعل على رأسه التراب وهو يبكي ويقول : يا رسول الله اقبض مني صدقة مالي.