فثبت بهذه الوجوه أنه لا يجوز إسناد هذا الإعقاب إلى شيء من الأشياء التي تقدم ذكرها إلا إلى الله سبحانه، فوجب إسناده إليه، فصار المعنى أنه تعالى هو الذي يعقب النفاق في قلوبهم، وذلك يدل على أن خالق الكفر في القلوب هو الله تعالى، وهذا هو الذي قال الزجاج إن معناه : أنهم لما ضلوا في الماضي، فهو تعالى أضلهم عن الدين في المستقبل، والذي يؤكد القول بأن قوله ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً﴾ مسند إلى الله جل ذكره أنه قال :﴿إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ﴾ والضمير في قوله تعالى :﴿يَلْقَوْنَهُ﴾ عائد إلى الله تعالى، فكان الأولى أن يكون قوله :﴿فَأَعْقَبَهُمْ﴾ مسنداً إلى الله تعالى.
قال القاضي : المراد من قوله :﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِى قُلُوبِهِمْ﴾ أي فأعقبهم العقوبة على النفاق، وتلك العقوبة هي حدوث الغم في قلوبهم وضيق الصدر وما ينالهم من الذل والذم، ويدوم ذلك بهم إلى الآخرة.
قلنا : هذا بعيد لأنه عدول عن الظاهر من غير حجة ولا شبهة، فإن ذكر أن الدلائل العقلية دلت على أن الله تعالى لا يخلق الكفر، قابلنا دلائلهم بدلائل عقلية، لو وضعت على الجبال الراسيات لاندكت.
المسألة الثانية :
قال الليث : يقال : أعقبت فلاناً ندامة إذا صيرت عاقبة أمره ذلك.
قال الهذلي :
أودى بني وأعقبوني حسرة.. بعد الرقاد وعبرة لا تقلع
ويقاتل : أكل فلان أكلة أعقبته سقماً، وأعقبه الله خيراً.
وحاصل الكلام فيه أنه إذا حصل شيء عقيب شيء آخر يقال أعقبه الله.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon