قال الزمخشري : خذلهم حين نافقوا، وتمكن من قلوبهم نفاقهم فلا ينفك عنها إلى أنْ يموتوا بسبب إخلافهم ما وعدوا الله من التصدق والصلاح وكونهم كاذبين، ومنه خلف الموعد ثلث النفاق انتهى.
وقوله : خذلهم هو لفظ المعتزلة.
وقال الحسن وقتادة : الضمير في فاعقبهم للبخل، أي فأورثهم البخل نفاقاً متمكناً في قلوبهم.
وقال أبو مسلم : فأعقبهم أي البخل والتولي والإعراض.
قال ابن عطية : يحتمل أن يكون نفاق كفر، ويكون تقرير ثعلبة بعد هذا النص والإبقاء عليه لمكان إظهاره الإسلام، وتعلقه بما فيه احتمال.
ويحتمل أن يكون نفاق معصية وقلة استقامة، فيكون تقريره صحيحاً، ويكون ترك قبول الزكاة منه عقاباً له ونكالاً.
وهذا نحو ما روي أنّ عاملاً كتب إلى عمر بن عبد العزيز أنّ فلاناً يمنع الزكاة، فكتب إليه : أن دَعه، واجعل عقوبته أن لا يؤدي الزكاة مع المسلمين، يريد لما يلحقه من المقت في ذلك.
والظاهر عود الضمير في : يلقونه، على الله تعالى.
وقيل : يلقون الجزاء.
فقيل : جزاء بخلهم.
وقيل : جزاء أفعالهم.
وقرأ أبو رجاء : يكذبون بالتشديد.
ولفظه : فأعقبهم نفاقاً، لا تدل ولا تشعر بأنه كان مسلماً، ثم لما بخل ولم يف بالعهد صار منافقاً كما قال أبو عبد الله الرازي، لأن المعقب نفاق متصل إلى وقت الموافاة، فهو نفاق مقيد بغاية، ولا يدل المقيد على انتفاء المطلق قبله.
وإذا كان الضمير عائداً على الله فلا يكون اللقاء متضمناً رؤية الله لإجماع العلماء على أنّ الكفار لا يرون الله، فالاستدلال باللقاء على الرؤية من قوله تعالى :﴿ تحيتهم يوم يلقونه سلام ﴾ ليس بظاهر، ولقوله :"من حلف على يمين كاذبة ليقطع حق امرىء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان" وأجمعوا على أنّ المراد هنا لقي ما عند الله من العقاب.
ألم يعلموا هذا استفهام تضمن التوبيخ والتقريع.
وقرأ علي وأبو عبد الرحمن والحسن : تعلموا بالتاء، وهو خطاب للمؤمنين على سبيل التقرير.