وقال أبو السعود :
﴿ أَلَمْ يَعْلَمُواْ ﴾
أي المنافقون أو من عاهد الله وقرىء بالتاء الفوقانية خطاباً للمؤمنين فالهمزةُ على الأول للإنكار والتوبيخِ والتهديد أي ألم يعلموا ﴿ أَنَّ الله يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ﴾ أي ما أسرُّوا به في أنفسهم وما تناجَوا به فيما بينهم من المطاعن وتسميةِ الصدقةِ جزيةً وغيرِ ذلك مما لا خيرَ فيه، وسرُّ تقديمِ السر على النجوى سيظهر في قوله سبحانه :﴿ وَسَتُرَدُّونَ إلى عالم الغيب والشهادة ﴾ ﴿ وَأَنَّ الله علام الغيوب ﴾ فلا يخفى عليه شيءٌ من الأشياء حتى اجترأوا على ما اجترأوا عليه من العظائم، وإظهارُ اسمِ الجلالةِ في الموقعين لإلقاء الروعةِ وتربيةِ المهابةِ، وفي إيراد العلم المتعلّق بسرهم ونجواهم بصيغة الفِعلِ الدالِّ على الحدوث والتجدد، والعلمِ المتعلقِ بالغيوب الكثيرةِ الدائمةِ بصيغة الاسم الدالِّ على الدوام والمبالغة من الفخامة والجزالةِ ما لا يخفى وعلى الثاني لتقرير عِلمِ المؤمنين بذلك وتنبُّههم على أنه تعالى مؤاخِذُهم ومجازيهم بما علم من أعمالهم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾