الرابع : قال الرازي : ظاهر الآية يدل على أن نقض العهد، وخلف الوعد، يورث النفاق، فيجب على المسلم أن يبالغ في الإحتراز عنه، فإذا عاهد الله في أمر فليجتهد في الوفاء به.
ومذهب الحسن البصري رحمه الله أنه يوجب النفاق لا محالة، وتمسك فيه بهذه الآية، وبقوله عليه السلام :< ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان >.
الخامس : دل قوله تعالى :﴿ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ ﴾ على أن ذلك المعاهد مات منافقاً.
قال الرازي : وهذا الخبر وقع مخبره مطابقاً له، فإنه روي أن ثعلبة أتى النبي ﷺ بصدقته فقال :< إن الله تعالى منعني أن أقبل صدقتك >. وبقي على تلك الحالة، وما قَبِلَ أحدٌ من الخلفاء رضي الله عنهم صدقته حتى مات، فكان إخباراً عن غيب، فكان معجزاً.
السادس : الضمير في يلقونه للفظ الجلالة، والمراد باليوم يوم القيامة، وله نظائر كثيرة في التنزيل.
وأعرب بعض المفسرين حيث قال : الضمير في يلقونه
إما لله، والمراد باليوم وقت الموت، أو للبخل والمراد يوم القيامة والمضاف محذوف، وهو الجزاء. انتهى.
واللقاء إذا أضيف إلى الكفار كان لقاءً مناسباً لحالهم من وقوفهم للحساب مع حجبهم عنه تعالى، لأنهم ليسوا أهلاً لرؤيته، تقدس اسمه.
وإذا أضيف إلى المؤمنين، كما في قوله تعالى :﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ ﴾، كان لُقْياًَ مناسباً لمقامهم من رؤيته تعالى، وذلك لما أفصحت عنه آيات أخر من حال الفريقين، مما يتنزل مثل ذلك عليها.
فمن وقف في بعض الآيات على لفظة، وأخذ يستنبط منها، ولم يراع من استعملت فيه، وأطلقت عليه، كان ذلك جموداً وتعصباً، لا أخذاً بيد الحق.