فقال المنافقون : ما هذا إلا رياء، فنزلت الآية في هذا كله، وقوله :﴿ فيسخرون ﴾ معناه يستهزئون ويستخفون، وهو معطوف على ﴿ يلمزون ﴾، واعترض ذلك بأن المعطوف على الصلة فهو من الصلة وقد دخل بين هذا المعطوف والمعطوف عليه قوله ﴿ والذين لا يجدون ﴾، وهذا لا يلزم، لأن قوله ﴿ والذين ﴾ معمول للذي عمل في ﴿ المطوعين ﴾ فهو بمنزلة قوله جاءني الذي ضرب زيداً وعمراً فقتلهما، وقوله :﴿ سخر الله منهم ﴾ تسمية العقوبة باسم الذنب وهي عبارة عما حل بهم من المقت والذل في نفوسهم، وقوله :﴿ ولهم عذاب أليم ﴾ معناه مؤلم، وهي آية وعيد محض، وقرأ جمهور " جُهدهم " بضم الجيم، وقرأ الأعرج وجماعة معه " جَهدهم " بالفتح، وقيل هما بمعنى واحد، وقاله أبو عبيدة، وقيل هما لمعنيين الضم في المال والفتح في تعب الجسم، ونحوه عن الشعبي، وقوله :﴿ الذين يلمزون ﴾ يصح أن يكون خبر ابتداء تقديره هم الذين، ويصح أن يكون ابتداء وخبره ﴿ سخر ﴾، وفي ﴿ سخر ﴾ معنى الدعاء عليهم.
ويحتمل أن يكون خبراً مجرداً عن الدعاء، ويحتمل أن يكون ﴿ الذين ﴾ صفة جارية على ما قبل كما ذكرت أول الترجمة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾