وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فرح المخلفون بمقعدهم ﴾
يعني : المنافقين الذين تخلَّفوا عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك.
والمخلَّف : المتروك خلفَ من مضى.
﴿ بمقعدهم ﴾ أي : بقعودهم.
وفي قوله :﴿ خلافَ رسول الله ﴾ قولان.
أحدهما : أن معناه : بعد رسول الله ﷺ، قاله أبو عبيدة.
والثاني : أن معناه : مخالَفَةُ رسول الله ﷺ وهو منصوب، لأنه مفعول له، فالمعنى : بأن قعدوا لمخالفة رسول الله ﷺ، قاله الزجاج.
وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، والأعمش، وابن أبي عبلة :"خَلْفَ رسول اللهِ" ومعناها : أنهم تأخَّروا عن الجهاد.
وفي قوله :﴿ لا تنفروا في الحرِّ ﴾ قولان.
أحدهما : أنه قول بعضهم لبعض، قاله ابن اسحاق، ومقاتل.
والثاني : أنهم قالوه للمؤمنين، ذكره الماوردي.
وإنما قالوا هذا، لأن الزمان كان حينئذ شديد الحر.
﴿ قل نار جهنم أشد حراً ﴾ لمن خالف أمر الله.
وقوله :﴿ يفقهون ﴾ معناه : يعلمون.
قال ابن فارس : الفقه : العلم بالشيء.
تقول : فَقِهْتُ الحديث أَفْقَهُهُ ؛ وكل علم بشيء : فقه، ثم اختص به علم الشريعة، فقيل لكل عالم بها : فقيه.
قال المصنف : وقال شيخنا علي بن عبيد الله : الفقه في إطلاق اللغة : الفهم، وفي عرف الشريعة : عبارة عن معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلَّفين، بنحو : التحليل، والتحريم، والإيجاب، والإجزاء، والصحة، والفساد، والغرم، والضمان، وغير ذلك.
وبعضهم يختار أن يقال : الفِقْه : فَهْمُ الشيء.
وبعضهم يختار أن يقال : عِلْمُ الشيء. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾