وقال السمرقندى :
ثم قال عز وجل :﴿ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً ﴾ اللفظ لفظ الأمر والمراد به التوبيخ.
قال الحسن : يعني :﴿ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً ﴾ في الدنيا، ﴿ وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا ﴾ في الآخرة في النار.
﴿ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾، يعني : عقوبة لهم بما كانوا يكفرون.
وعن أبي رزين أنه قال في قوله تعالى :﴿ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا ﴾ قال : يقول الله تعالى : الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤوا : فإذا صاروا إلى النار بكوا بكاءً لا ينقطع فذلك الكثير.
وروى الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي عامر، عن عمرو بن شرحبيل قال : مرّ النبي ﷺ على ملأ من قريش، وفيهم أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة فقال أبو جهل : هذا نبيكم يا بني عبد مناف.
فقال عتبة : وما تنكر أن يكون منا نبي أو ملك؟ فسمعه النبي ﷺ، فأقبل عليهم وقال :" أمَّا أنْتَ يا عُتْبَةُ، فَلَمْ تَغْضَبْ لله وَلا لِرَسُولِهِ، وَإنَّمَا غَضِبْتَ لِلأصْلِ.
وَأمَّا أنْتَ يَا أبَا جَهْلٍ، فَوَالله لا يَأْتِي عَلَيْكَ إلاَّ غَيْرُ كَثِيرٍ مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى تَبْكِيَ كَثِيراً وَتَضْحَكَ قَلِيلاً.
وَأمَّا أنْتُمْ يَا مَلأَ قُرَيْشٍ، فَوَالله لا يَأْتِي عَلَيْكُمْ إلاَّ غَيْرُ كَثِيرٍ مِنَ الدَّهْرِ، حَتَّى تَدْخُلُوا فِي هذا الأمْرِ الَّذِي تُنْكِرُونَ طَائِعِينَ أوْ كَارِهِينَ ".
قال : فسكتوا كأنما ذرّ على رؤوسهم التراب، فلم يردوا عليه شيئاً.
وروى أنس بن مالك، عن النبي ﷺ أنه قال :" يُرْسِلُ الله تَعَالَى البُكَاءَ عَلَى أهْلِ النَّارِ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ، ثُمَّ يَبْكُونَ الدَّمَ حَتَّى يُرَى فِي وُجُوهِهِمْ كَهَيْئَةِ الأخْدُودِ ". أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾