وقال ابن عطية :
قوله ﴿ فليضحكوا قليلاً ﴾
إشارة إلى مدة العمر في الدنيا، وقوله ﴿ وليبكوا كثيراً ﴾ إِشارة إلى تأبيد الخلود في النار، فجاء بلفظ الأمر ومعناه الخبر عن حالهم، ويحتمل أن يكون صفة حالهم أي هم لما هم عليه من الخطر مع الله، وسوء الحال بحيث ينبغي أن يكون ضحكهم قليلاً وبكاؤهم من أجل ذلك كثيراً، وهذا يقتضي أن يكون وقت الضحك والبكاء في الدنيا على نحو قوله ﷺ، لأمته
" لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً ".
وروي أن رسول الله ﷺ، لما قال هذا الكلام أوحى الله إليه يا محمد لا تقنط عبادي، و﴿ جزاء ﴾ متعلق بالمعنى الذي تقديره ﴿ وليبكوا كثيراً ﴾ إذ هم معذبون ﴿ جزاء ﴾، وقوله :﴿ يكسبون ﴾ نص في أن التكسب هو الذي يتعلق به العقاب والثواب. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فليضحكوا قليلاً ﴾
لفظه لفظ الأمر، ومعناه التهديد.
وفي قلَّة ضحكهم وجهان.
أحدهما : أن الضحك في الدنيا، لكثرة حزنها وهمومها، قليل، وضحكهم فيها أقل، لِما يتوجه إليهم من الوعيد.
والثاني : أنهم إنما يضحكون في الدنيا، وبقاؤها قليل.
﴿ وليبكوا كثيراً ﴾ في الآخرة.
قال أبو موسى الأشعري : إن أهل النار ليبكون الدموع في النار، حتى لو أُجريت السفن في دموعهم لجرت، ثم إنهم ليبكون الدم بعد الدموع، فلمثل ما هم فيه فليُبكي.
قوله تعالى :﴿ جزاءً بما كانوا يكسبون ﴾ أي : من النفاق والمعاصي. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٣ صـ ﴾