وقال أبو حيان :
﴿ الذين يلمزون المطوِّعين من المؤمنين في الصدقات ﴾
نزلت فيمن عاب المتصدقين.
وكان رسول الله ( ﷺ ) حث على الصدقة، فتصدّق عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف وأمسك مثلها، فبارك له الرسول ( ﷺ ) فيما أمسك وفيما أعطى.
وتصدق عمر بنصف ماله، وعاصم بن عدي بمائة وسق، وعثمان بصدقة عظيمة، وأبو عقيل الأرلشي بصاع تمر، وترك لعياله صاعاً، وكان آجر نفسه لسقي نخيل بهما، ورجل بناقة عظيمة قال : هي وذو بطنها صدقة يا رسول الله، وألقى إلى الرسول خطامها فقال المنافقون : ما تصدق هؤلاء إلا رياء وسمعة، وما تصدّق أبو عقيل إلا ليذكر مع الأكابر، أو ليذكر بنفسه فيعطي من الصدقات، والله غني عن صاعه.
وقال بعضهم : تصدق بالناقة وهي خير منه.
وكان الرجل أقصر الناس قامة وأشدهم سواداً، فنظر إليه الرسول ( ﷺ ) وقال : قل هو خير منك، ومنها يقولها ثلاثاً.
وأصل المطوعين المتطوعين، فأدغمت التاء في الطاء، وهم المتبركون كعبد الرحمن وغيره.
والذين لا يجدون إلا جهدهم هم مندرجون في المطوعين، ذكروا تشريفاً لهم، حيث ما فاتتهم الصدقة بل تصدقوا بالشيء، وإن كانوا أشد الناس حاجة إليه، وأتعبهم في تحصيل ما تصدقوا به كأبي عقيل، وأبي خيثمة، وكان قد لمز في التصدق بالقليل ونظر أيهما.
وكان أبو علي الفارسي يذهب إلى أنّ المعطوف في هذا وشبهه لم يندرج فيما عطف عليه قال : لأنه لا يسوغ عطف الشيء على مثله.
وكذلك كان يقول في وملائكته ورسله وجبريل وميكال، وفي قوله :﴿ فيهما فاكهة ونخل ورمان ﴾ وإلى هذا كان يذهب تلميذه ابن جني، وأكثر الناس على خلافهما.
وتسمية بعضهم التجريد، جردوا بالذكر على سبيل التشريف، وقد تقدم الكلام على ذلك في قوله :﴿ وملائكته ورسله وجبريل وميكال ﴾ وقرأ ابن هرمز وجماعة : جهدهم بالفتح.
فقيل : هما لغتان بمعنى واحد.