وقال ابن عطية :
قوله :﴿ فإن رجعك الله إلى طائفة منهم ﴾ الآية
﴿ رجع ﴾ يستوي مجاوزه وغير مجاوزه، وقوله تعالى :﴿ إن ﴾ مبينة أن النبي ﷺ، لا يعلم بمستقبلات أمره من أجل وسواه وأيضاً فيحتمل أن يموتوا هم قبل رجوعه وأمر الله عز وجل لنبيه ﷺ، بأن يقول لهم ﴿ لن تخرجوا معي ﴾، هو عقوبة لهم وإظهار لدناءة منزلتهم وسوء حالهم، وهذا هو المقصود في قصة ثعلبة بن حاطب التي تقدمت في الامتناع من أخذ صدقته، ولا خزي أعظم من أن يكون إنسان قد رفضه الشرع ورده كالجمل الأجرب، وقوله :﴿ إلى طائفة ﴾ يقتضي عندي أن المراد رؤوسهم والمتبوعون، وعليها وقع التشديد بأنها لا تخرج ولا تقاتل عدواً، وكرر معنى قتال العدو لأنه عظم الجهاد وموضع بارقة السيوف التي تحتها الجنة، ولولا تخصيص الطائفة لكان الكلام " فإن رجعك الله إليهم "، ويشبه أن تكون هذه الطائفة قد ختم عليها بالموافاة على النفاق، وعينوا للنبي ﷺ، وإلا فكيف يترتب ألا يصلي على موتاهم إن لم يعينهم الله، وقوله :﴿ وماتوا وهم فاسقون ﴾ ونص في موافاتهم، ومما يؤيد هذا ما روي أن ما روي أن النبي ﷺ، عينهم لحذيفة بن اليمان وكانت الصحابة إذا رأوا حذيفة تأخر عن الصلاة على جنازة رجل تأخروا هم عنها.
وروي عن حذيفة أنه قال يوماً : بقي من المنافقين كذا وكذا، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنشدك الله أنا منهم ؟ فقال لا، والله، لا أمنه منها أحداً بعدك، وقرأ جمهور الناس " معي " بسكون الياء في الموضعين، وقرأ عاصم فيما قال المفضل " معيَ " بحركة الياء في الموضعين، وقوله ﴿ أول ﴾ هو الإضافة إلى وقت الاستئذان.