وقال الآلوسى :
﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ ﴾
أي من سفرك، والفاء لتفريع الأمر الآتي على ما بين من أمرهم و﴿ رَجْعُ ﴾ هنا متعد بمعنى رد ومصدره الرجع وقد يكون لازماً ومصدره الرجوع، وأوثر استعمال المتعدي وإن كان استعمال اللازم كثيراً إشارة إلى أن ذلك السفر لما فيه من الخطر يحتاج الرجوع منه لتأييد الهي ولذا أوثرت كلمة ﴿ إن ﴾ على إذا أي فإن ردك الله سبحانه ﴿ إلى طَائِفَةٍ مّنْهُمْ ﴾ أي إلى المنافقين من المتخلفين بناء على أن منهم من لم يكن منافقاً أو إلى من بقي من المنافقين المتخلفين بأن ذهب بعضهم بالموت أو بالغيبة عن البلد أو بأن لم يستأذنك البعض، وقيل : المراد بتلك الطائفة من بقي من المنافقين على نفاقه ولم يتب وليس بذاك.
أخرج ابن المنذر.
وغيره عن قتادة أنه قال في الآية : ذكر لنا أنهم كانوا اثنى عشر رجلاً من المنافقين وفيهم قيل ما قيل.
﴿ فاستأذنوك لِلْخُرُوجِ ﴾ معك إلى غزوة أخرى بعد غزوتك هذه التي ردك الله منها بتأييده ﴿ فَقُلْ ﴾ لهم إهانة لهم على أتم وجه ﴿ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا ﴾ ما دمت ودمت ﴿ وَلَن تقاتلوا مَعِىَ عَدُوّا ﴾ من الأعداء، وهو أخبار في معنى النهي للمبالغة.
وذكر القتال كما قال بعض المحققين لأنه المقصود من الخروج فلو اقتصر على احدهما لكفي إسقاطاً لهم عن مقام الصحبة ومقام الجهاد أو عن ديونا الغزاة وديوان المجاهدين وإظهاراً لكراهة صحبتهم وعدم من الجند أو ذكر الثاني للتأكيد لأنه أصرح في المراد والأول لمطابقته للسؤال، ونظير ذلك :
أقول له ارحل لا تقين عندنا...