وَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ تَخْيِيرٌ مِنْ اللَّهِ لِنَبِيِّهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ :﴿ إنِّي خُيِّرْت فَاخْتَرْت ؛ قَدْ قِيلَ لِي : اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنَّ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْت عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ لَزِدْت ﴾.
وَهَذَا أَقْوَى ؛ لِأَنَّ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ صَحِيحٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّخْيِيرِ، وَتِلْكَ اسْتِنْبَاطَاتٌ، وَالنَّصُّ الصَّرِيحُ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِنْبَاطِ.
فَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّهُ قَالَ :﴿ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ﴾ فَهَذَا فِي السَّبْعِينَ، وَلَيْسَ مَا وَرَاءَ السَّبْعِينَ كَالسَّبْعِينَ، لَا مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ؛ أَمَّا مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ فَإِنَّ دَلِيلَ الْخِطَابِ لَا يَكُونُ فِي الْأَسْمَاءِ ؛ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الصِّفَاتِ، حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَرَدَدْنَاهُ عَلَى الدَّقَّاقِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الَّذِي يَجْعَلُهُ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ خَطَأٌ صِرَاحٌ وَأَمَّا مِنْ غَيْرِ دَلِيلِ الْخِطَابِ فَظَاهِرٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إذَا عُلِّقَ عَلَى اسْمٍ عَلَمٍ بَقِيَ غَيْرُهُ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ، فَيُطْلَبُ الْحُكْمُ فِيهِ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ.
وَأَمَّا
قَوْلُهُمْ : إنَّهَا مُبَالَغَةٌ فَدَعْوَى.


الصفحة التالية
Icon