وقال الشيخ محيي الدين النووي : إنما أعطاه قميصه ليكفنه فيه تطييباً لقلب ابنه عبد الله فإنه كان صحابياً صالحاً وقد سأل ذلك فأجابه إليه وقيل بل أعطاه مكافأة لعبد الله بن أبي المنافق الميت لأنه ألبس العباس حين أسر يوم بدر قميصاً وفي الحديث بيان مكارم أخلاق النبي ( ﷺ ) فقد علم ما كان من هذا المنافق من الإيذاء له وقابله بالحسنى وألبسه قميصه كفناً وصلى عليه واستغفر له قال الله سبحانه وتعالى وإنك لعلى خلق عظيم وقال البغوي : قال سفيان بن عيينة كانت له يد عند رسول الله ( ﷺ ) فأحب ان يكافئه بها ويروى أن النبي ( ﷺ ) كلم فيما فعل بعبد الله بن أبي فقال ( ﷺ ) :" وما يغني عنه قميصي وصلاتي من الله والله إني كنت أرجو أن يسلم به ألف من قومه " فيروى أنه أسلم ألف من قومه لما رأوه يتبرك بقميص النبي ( ﷺ ).
وقوله سبحانه وتعالى :﴿ ولا تقم على قبره ﴾ يعني لا تقف عليه ولا تتول دفنه من قولهم قام فلان بأمر فلان إذا كفاه أمره وناب عنه فيه ﴿ إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ﴾ وهذا تعليل لسبب المنع من الصلاة عليه والقيام على قبرة ولما نزلت هذه الآية ما صلى رسول الله عليه وسلم على منافق ولا قام على قبره وبعدها.
فإن قلت : الفسق أدنى حالاً من الكفر ولما ذكر في تعليل هذا النهي كونه كافراً دخل تحته الفسق وغيره فما الفائدة في وصفه بكونه فاسقاً بعد ما وصفه بالكفر قلت إن الكافر قد يكون عدلاً في نفسه بأن يؤدي الأمانة ولا يضمر لأحد سوءاً وقد يكون خبيثاً في نفسه كثير الكذب والمكر والخداع وإضمار السوء للغير وهذ أمر مستقبح عند كل أحد ولما كان المنافقون بهذه الصفة الخبيثة وصفهم الله سبحانه وتعالى بكونهم فاسقين بعد أن وصفهم بالكفر. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon