أما قوله الحق :﴿ وَلاَ تُصَلِّ على أَحَدٍ مِّنْهُم ﴾ فهو يدلنا على أن هذا الأمر ليس خاصّاً بسبب، ولكنه عموم حكم، فهناك : سبب للحكم، وهناك عموم حكم. وسبب الحكم مثل الآية التي نزلت في زعيم المنافقين عبدالله ابن أبيّ، فعندما مرض عبدالله بن أبيّ مرض الموت ؛ جاء ابنه عبدالله إلى رسول الله ﷺ، وطلب منه أن يعطيه قميصه يُكفِّن فيه أباه فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه ليصلي عليه ويستغفر له. وذهب رسول الله ﷺ مجاملة لابنه عبدالله بن أبيّ الذي أسلم وحَسُن إسلامه.
وعندما وقف رسول الله ﷺ بجوار عبدالله بن أبيّ، قال له :" أهلك حب يهود " ؛ لأن ابن أبيّ كان يجامل اليهود ويعاونهم، ونفاقه في الإسلام كان مجاملة لليهود وكان يُظهِر أمام اليهود الكفر، ويُظهِر أمام المسلمين الإيمان. وهنا قال ابن أبيّ : يا رسول الله، إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتؤنبني.
فاستغفر له الرسول صلى الله علهي وسلم، وهنا نزلت الآية الكريمة :﴿ استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ ﴾ [ التوبة : ٨٠ ]
وطلب عبدالله بن أبيّ من رسول الله ﷺ أن يهبه ثوبه لكي يُكفَّن به، فلما ذهب رسول الله ﷺ إلى بيته، أرسل له الثوب الأعلى.
وقد كان ﷺ يلبس ثوبين ؛ ثوباً يلي جسده وثوباً فوقه. فلما جاء ابن أبيّ الثوب الأعلى، قال : أنا أريد الثوب الذي لامس جسد رسول الله ﷺ.


الصفحة التالية
Icon