" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (٨٥) ﴾
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ ﴾ : قيل : هذه تأكيد للآية السابقة. وقال الفارسي :" ليست للتأكيد لأن تِيْكَ في قوم، وهذه في آخرين، وقد تغاير لفظاً الاثنتين فههنا " ولا " بالواو لمناسبة عطفِ نهيٍ على نهيٍ قبلَه في قوله :" ولا تُصَلِّ، ولا تَقُمْ، ولا تُعْجبك "، فناسب ذلك الواو، وهناك بالفاءِ لمناسبةِ تعقيبِ قولِه : ولا يُنْفِقون إلا وهم كارهون "، أي : للإِنفاقِ فهم مُعْجَبون بكثرة الأموالِ والأولادِ فنهاه عن الإِعجاب بفاء التعقيبِ. وهنا " وأولادهم " دون " لا " لأنه نهيٌ عن الإِعجاب بهما مجتمعين، وهناك بزيادةِ " لا " لأنه نهيٌ عن كل واحد واحد فَدَلَّ مجموعُ الاثنين على النهي بهما مجتمعَيْن ومنفردين. وهنا " أنْ يُعَذِّبهم " وهناك " ليُعَذِّبهم "، فأتى باللام مُشْعرةً بالغلبة، ومفعولُ الإِرادةِ محذوفٌ، أي : إنما يريد الله اختبارَهم بالأموال والأولاد، وأتى ب " أن " لأنَّ مَصَبَّ الإِرادة التعذيبُ، أي : إنما يريد الله تعذيبَهم. فقد اختلف متعلَّقُ الإِرادة في الآيتين. هذا هو الظاهر وإن كان يُحتمل أن تكونَ اللامُ زائدة، وأن تكونَ " أَنْ " على حذف لام علة. وهناك " في الحياة الدنيا " وهنا سقطت " الحياة "، تنبيهاً على خِسِّيَّة الدنيا، وأنها لا تستحق أن تُسَمَّى حياة، لا سيما وقد ذُكِرَت بعد ذِكر موتِ المنافقين فناسَبَ ألاَّ تُسَمَّى حياة. أ هـ ﴿الدر المصون حـ ٦ صـ ٩٤ ـ ٩٥﴾