فصل


قال الفخر :
﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾
واعلم أنه تعالى بين في الآيات المتقدمة أن المنافقين احتالوا في رخصة التخلف عن رسول الله ﷺ والقعود عن الغزو، وفي هذه الآية زاد دقيقة أخرى، وهي أنه متى نزلت آية مشتملة على الأمر بالإيمان وعلى الأمر بالجهاد مع الرسول، استأذن أولو الثروة والقدرة منهم في التخلف عن الغزو، وقالوا لرسول الله ذرنا نكن مع القاعدين أي مع الضعفاء من الناس والساكنين في البلد.
أما قوله :﴿وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ ءامِنُواْ بالله وجاهدوا مَعَ رَسُولِهِ﴾ ففيه أبحاث :
البحث الأول : يجوز أن يراد بالسورة تمامها وأن يراد بعضها، كما يقع القرآن والكتاب على كله وبعضه، وقيل المراد بالسورة هي سورة براءة، لأن فيها الأمر بالإيمان والجهاد.
البحث الثاني : قوله :﴿أن آمنوا بالله﴾ قال الواحدي : موضع ﴿أن﴾ نصب بحذف حرف الجر.
والتقدير بأن آمنوا أي بالإيمان ؟
البحث الثالث : لقائل أن يقول : كيف يأمر المؤمنين بالإيمان، فإن ذلك يقتضي الأمر بتحصيل الحاصل وهو محال.


الصفحة التالية
Icon