مَعِيَ عَدُوًّا مِنَ الْأَعْدَاءِ بِصِفَةٍ مَا، لَا بِالْخُرُوجِ وَالسَّفَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ كَأَنْ يُهَاجِمُوا الْمُؤْمِنِينَ فِي عَاصِمَتِهِمْ، كَمَا فَعَلُوا يَوْمَ الْأَحْزَابِ مَثَلًا، فَكُلٌّ مِنَ الْخُرُوجِ الْمُطْلَقِ الَّذِي حُذِفَ مُتَعَلِّقُهُ، وَالْقِتَالِ الَّذِي ذُكِرَ مُتَعَلِّقُهُ نَكِرَةٌ مَنْفِيَّةٌ عَامٌّ فَيَصْدُقَانِ بِكُلِّ خُرُوجٍ، وَكُلِّ قِتَالٍ لِعَدُوٍّ فِي أَيِّ مَكَانٍ، وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، وَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذَا مَنْ غَفَلَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فَزَعَمُوا أَنَّ الثَّانِي تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ بَيَّنَ سَبَبَ هَذَا الْحِرْمَانِ مِنْ شَرَفِ الْجِهَادِ فَقَالَ : إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَيْ : إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ بِخِزْيِ الْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ دُعِيتُمْ فِيهَا إِلَى الْخُرُوجِ، وَاسْتُنْفِرْتُمْ فَلَمْ تَنْفِرُوا عِصْيَانًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ مَا حَيِيتُمْ أَبَدًا أَيْ : مَعَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ النَّفْرِ، أَوْ مَعَ الْأَشْرَارِ الْفَاسِدِينَ، الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ سَبِيلِ الْمُهْتَدِينَ، قَالَ فِي مَجَازِ الْأَسَاسِ : وَخَلَفَ اللَّبَنُ : تَغَيَّرَ، وَمَعْنَاهُ خَلَفَ طِيبَهُ تَغَيُّرُهُ أَيْ : صَارَ الْمُتَغَيِّرُ الْفَاسِدُ خَلَفًا لِلطَّيِّبِ وَخَلَفَ فُوهُ خُلُوفًا، وَخَلَفَ عَنْ خُلُقِ أَبِيهِ، وَخَلَفَ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ : تَحَوَّلَ وَفَسَدَ، وَهُوَ خَالِفَةُ أَهْلِ بَيْتِهِ، أَيْ فَاسِدُهُمْ وَشَرُّهُمُ اهـ. وَالْخَالِفُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِمَنْ يَخْلُفُ غَيْرَهُ أَيْ يَأْتِي بَعْدَهُ، وَمِثْلُهُ الْخَلَفُ بِالتَّحْرِيكِ وَبِفَتْحٍ