زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَقَدْ وَرَدَ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَحَادِيثُ مُتَعَدِّدَةٌ بِلَفْظِ الزِّيَارَةِ لَا بِلَفْظِ الْقِيَامِ.
وَقَدْ عَلَّلَ تَعَالَى هَذَا النَّهْيَ بِبَيَانٍ مُسْتَأْنَفٍ فَقَالَ : إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ أَيْ : إِنَّهُمْ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ، أَيْ : وَهُمْ فِي حَالِ خُرُوجِهِمِ السَّابِقِ مِنْ حَظِيرَةِ الْإِيمَانِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ مِثْلِهِ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ (وَالْجُمْلَةُ الْحَالِيَّةُ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ مَضْمُونِهَا قَبْلَ حُدُوثِ الْعَامِلِ فِيهَا) وَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا أُكِّدَ بِكَلِمَةِ أَبَدًا الَّتِي هِيَ نَصٌّ فِي مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ، وَلَكِنْ قَالَ فِي تَعْلِيلِ النَّهْيِ : وَمَاتُوا وَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ، وَالْقَاعِدَةُ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الْمَاضِي أَنْ يَكُونَ لِتَأْكِيدِهِ وَتَحَقُّقِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ وَقَعَ بِالْفِعْلِ، أَيْ : وَسَيَمُوتُونَ وَهُمْ مُتَلَبِّسُونَ بِكُفْرِهِمْ، وَلَعَلَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى مَا رُوِيَ
فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ، وَهُوَ صَلَاتُهُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى : وَمَاتَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى كُفْرِهِ، وَسَيَمُوتُ الْآخَرُونَ كَذَلِكَ، وَفِيهِ بَحْثٌ نُبَيِّنُهُ بَعْدَ إِجْمَالِ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ.