بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْأَعْذَارَ الشَّرْعِيَّةَ الْمَقْبُولَةَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ رَسُولِهِ بِالتَّفْصِيلِ فَعُلِمَ مِنْهُ بُطْلَانُ مَا عَدَاهَا، وَخُصَّ بِالذِّكْرِ شَرُّ مَا عَدَاهَا وَهُوَ اسْتِئْذَانُ الْأَغْنِيَاءِ فَقَالَ : لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ الضُّعَفَاءُ : جَمْعُ ضَعِيفٍ وَهُوَ ضِدُّ الْقَوِيِّ، أَيْ : مَنْ لَا قُوَّةَ لَهُمْ فِي أَبْدَانِهِمْ تُمَكِّنُهُمْ مِنَ الْجِهَادِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْنِي الزَّمْنَى وَالشُّيُوخَ وَالْعَجَزَةَ، وَقِيلَ : هُمُ الصِّبْيَانُ، وَقِيلَ : النِّسْوَانُ. ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ. وَالزَّمْنَى بِوَزْنِ الْمَرْضَى وَبِالتَّحْرِيكِ جَمْعُ زَمِينٍ كَمَرِيضٍ - وَيُقَالُ : زَمِنٌ (كَكَتِفٍ) وَزَمِنُونَ ; وَهُمْ مَنْ أَصَابَتْهُمُ الزَّمَانَةُ وَهِيَ الْعَاهَةُ الَّتِي لَا تَزَالُ بَلْ تَبْقَى عَلَى الزَّمَانِ. وَمِنْهَا الْكُسَاحُ (بِالضَّمِّ) وَالْعَمَى وَالْعَرَجُ، وَقَدَّمَ ذِكْرَ هَؤُلَاءِ ; لِأَنَّ عُذْرَهُمْ دَائِمٌ لَا يَزُولُ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى جَمْعُ مَرِيضٍ، وَهُمُ الَّذِينَ عَرَضَتْ لَهُمْ أَمْرَاضٌ لَا يَتَمَكَّنُونَ مَعَهَا مِنَ الْجِهَادِ كَالْحُمَّيَاتِ، وَعُذْرُهُمْ يَنْتَهِي بِالشِّفَاءِ مِنْهَا وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ
مَا يُنْفِقُونَ وَهُمُ الْفُقَرَاءُ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَالًا يُنْفِقُونَ مِنْهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إِذَا خَرَجُوا لِلْجِهَادِ وَيَتْرُكُونَ لِعِيَالِهِمْ مَا يَكْفِيهِمْ، وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ يُجَهِّزُونَ أَنْفُسَهُمْ لِلْقِتَالِ، فَالْفَقِيرُ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ


الصفحة التالية
Icon