وقال أبو السعود :
﴿ وَجَاء المعذرون مِنَ الاعراب لِيُؤْذَنَ لَهُمْ ﴾
شروعٌ في بيان أحوالِ منافقي الأعرابِ إثرَ بيانِ منافقي أهلِ المدينةِ، والمعذّرون من عذّر في الأمر إذا قصّر فيه وتوانى ولم يجِدَّ، وحقيقتُه أن يوهِمَ أن له عذراً فيما يفعل ولا عذرَ له أو المعتذرون بإدغام التاءِ في الذال ونقلِ حركتِها إلى العين وهم المعتذرون بالباطل، وقرىء المُعْذِرون من الإعذار وهو الاجتهاد في العذرُ والاحتشادُ فيه، قيل : هم أسَدٌ وغطَفانُ قالوا : إن لنا عيالاً وإن بنا لجَهداً فائذن لنا في التخلف. وقيل : هم رهطُ عامِر بنِ الطفيل قالوا : إن غزَوْنا معك أغار أعرابُ طيءٍ على أهالينا ومواشينا فقال عليه السلام :" سيغنيني الله تعالى عنكم " وعن مجاهد : نفرٌ من غِفارٍ اعتذروا فلم يعذُرهم الله سبحانه. وعن قتادة : اعتذروا بالكذب. وقرىء المُعّذّرون بتشديد العين والذال من تعذر بمعنى اعتذر وهو لحنٌ إذ التاءُ لا تُدغم في العين إدغامَها في الطاء والزاي والصاد في المطّوعين وازّكى واصّدق. وقيل : أريد بهم المعتذرون بالصحة وبه فُسّر المعذّرون والمُعْذِرون أي الذين لم يُفرطوا في العذر ﴿ وَقَعَدَ الذين كَذَبُواْ الله وَرَسُولَهُ ﴾ وهم منافقوا الأعرابِ الذين لم يجيئوا ولم يعتذروا فظهر أنهم كذبوا الله ورسولَه بادعائهم الإيمانَ والطاعة ﴿ سَيُصِيبُ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ ﴾ أي من الأعراب أو من المعذّرين فإن منهم من اعتذر لكسله لا لكفره ﴿ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ بالقتل والأسرِ في الدنيا والنارِ في الآخرة. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon