وقال أبو حيان :
﴿ يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ﴾
قال مقاتل : نزلت في عبد الله بن أبي حلف بالله الذي لا إله إلا هو لا يتخلف عنه بعدها، وحلف بن أبي سرح لنكونن معه على عدوه، وطلب من الرسول أن يرضى عنه، فنزلت، وهنا حذف المحلوف به، وفي قوله :﴿ سيحلفون بالله ﴾ أثبت كقوله :﴿ إذ أقسموا ليصرمنها ﴾ وقوله :﴿ وأقسموا بالله ﴾ فلا فرق بين حذفه وإثباته في انعقاد ذلك يميناً.
وغرضهم في الحلف رضا الرسول والمؤمنين عنهم لنفعهم في دنياهم، لا أنّ مقصدهم وجه الله تعالى.
والمراد : هي أيمان كاذبة، وأعذار مختلفة لا حقيقة لها.
وفي الآية قبلها لما ذكر حلفهم لأجل الإعراض، جاء الأمر بالإعراض نصاً، لأنّ الإعراض من الأمور التي تظهر للناس، وهنا ذكر الحلف لأجل الرضا فأبرز النهي عن الرضا في صورة شرطية، لأن الرضا من الأمور القلبية التي تخفى، وخرج مخرج المتردّد فيه، وجعل جوابه انتفاء رضا الله عنهم، فصار رضا المؤمنين عنهم أبعد شيء في الوقوع، لأنه معلوم منهم أنهم لا يرضون عمن لا يرضى الله عنهم.
ونص على الوصف الموجب لانتفاء الرضا وهو الفسق، وجاء اللفظ عامًّا، فيحتمل أن يراد به الخصوص كأنه قيل : فإنّ الله لا يرضى عنهم، ويحتمل بقاؤه على العموم فيندرجون فيه ويكونون أولى بالدخول، إذ العام إذا نزل على سبب مخصوص لا يمكن إخراج ذلك السبب من العموم بتخصيص ولا غيره. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾