أي : إن تحقق هذا الرضا منكم عنهم، فهو رضاً بعيد عن رضا الله ورسوله، وليس من باطن رضا رسول الله، ولا من باطن رضا الله ؛ بذلك يُنْهي الحق الآية بقوله :﴿ فَإِنَّ الله لاَ يرضى عَنِ القوم الفاسقين ﴾ وإن لم يَرْضَ الله فرضاكم لن ينفعكم، وطلبهم الرضا منكم غباء منهم، فإن رضاكم عنهم لن يقدم، ولن يؤخر ؛ إلا إن كان من باطن رضا الله، ورضا رسوله.
وهنا ملحظ : هم فاسقون أم كافرون؟ نقول : إن الحق سبحانه أوضح لنا :﴿ إِنَّ المنافقين فِي الدرك الأسفل مِنَ النار... ﴾ [ النساء : ١٤٥ ]
أي أن مكان المنافق في النار أسفل من مكان الكافر. وكيف يكون المنافق فاسقاً مع أن المؤمن قد يكون فاسقاً؟ فالمؤمن قد يفسق بأن يرتكب كبيرة من الكبائر، وسبحانه يقول :﴿ والسارق والسارقة فاقطعوا أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ الله... ﴾ [ المائدة : ٣٨ ]
فالمؤمن قد يسرق، وقد يزني أيضاً. فسبحانه يقول :﴿ الزانية والزاني... ﴾ [ النور : ٢ ]
وما دام سبحانه قد جرّم الفعل، ووضع له عقوبة ؛ فمن الممكن أت يرتكبه المؤمن، ولكن علينا أن نُفرِّق بين الفاسق والعاصي، فمن يرتكب الكبائر فهو فاسق، ومن يرتكب الصغائر فهو عاص. فكيف يصف الله المنافقين بالفسق؟ ولنذكر ما نقوله دائماً من أن الكفر، إنما هو كفر بمحمد وبالإسلام، والفسق إذا جاء مع الكفر فهو ليس فسق ارتكاب المعصية والإنسان على دين الإسلام، لكنه الخروج عن الطاعة حتى في الأديان التي يتبعها أي قوم، فالأديان كلها تضم قدراً من القيم، وأتباعها محاسبون على القيم التي في أديانهم، لكنهم أيضاً يفسقون عنها. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon