وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ الأعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً ﴾
فيه وجهان :
أحدهما : أن يكون الكفر والنفاق فيهم أكثر منه في غيرهم لقلة تلاوتهم القرآن وسماعهم السنن.
الثاني : أن الكفر والنفاق فيهم أشد وأغلظ منه في غيرهم لأنهم أجفى طباعاً وأغلظ قلوباً.
﴿ وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ ﴾ ومعنى أجدر أي أقرب، مأخوذ من الجدار الذي يكون بين مسكني المتجاورين.
وفي المراد بحدود الله ما أنزل الله وجهان :
أحدهما : فروض العبادات المشروعة.
الثاني : الوعد والوعيد في مخالفة الرسول ﷺ والتخلف عن الجهاد. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
قوله ﴿ الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله ﴾ الآية
﴿ الأعراب ﴾ لفظة عامة ومعناها الخصوص فيمن استثناه الله عز وجل، وهذا معلوم بالوجود وكيف كان الأمر، وإنما انطلق عليهم هذا الوصف بحسب بعدهم عن الحواضر ومواضع العلم والأحكام والشرع، وهذه الآية إنما نزلت في منافقين كانوا في البوادي، ولا محالة أن خوفهم هناك أقل من خوف منافقي المدينة، فألسنتهم لذلك مطلقة ونفاقهم أنجم، وأسند الطبري أن زيد بن صوحان كان يحدث أصحابه بالعلم وعنده أعرابي وكان زيد قد أصيبت يده اليسرى يوم نهاوند فقال الأعرابي والله إن حديثك ليعجبني وإن يدك لتريبني وقال زيد : وما يريبك من يدي وهي الشمال ؟ فقال الأعرابي : والله ما أدري اليمين تقطعون أم الشمال ؟ فقال زيد صدق الله ﴿ الأعراب أشد كفارً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ﴾، ﴿ وأجدر ﴾ معناه أحرى وأقمن، و" الحدود " هنا السنن والأحكام ومعالم الشريعة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾