قال ابن كثير : ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي، لم يبعث الله منهم رسولاً، وإنما كانت البعثة من أهل القرى، كما قال تعالى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ﴾.
ولما أهدى ذلك الأعرابي تلك الهدية لرسول الله ﷺ، فردّ عليه أَضعافها حتى رضي قال :< لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قرشي أو ثقفي أو أنصاري أو دوسي >، لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن : مكة والطائف والمدينة واليمن، فهم ألطف أخلاقاً من الأعراب، لما في طباع الأعراب من الجفاء.
الثالثة : روي الأعمش عن إبراهيم قال : جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو
يحدث أصحابه، وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند، فقال الأعرابي : والله ! إن حديثك ليعجبني وإن يدك لتريبني ! فقال زيد : ما يريبك من يدي، إنها الشمال ؟ فقال الأعرابي : والله ! ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال ؟ فقال زيد من صوحان : صدق الله :﴿ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ﴾. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٨ صـ ٤٩٧ ـ ٤٩٨﴾


الصفحة التالية
Icon