وقال الإمام فخر الدين الرازي : ليس في الآية أنه يحرم عليهم الخروج لأن الواحد من هؤلاء لو خرج ليعين المجاهدين بمقدار القدرة إما بحفظ متاعهم أو بتكثير سوادهم بشرط أن لا يجعل نفسه كلاً ووبالاً عليهم فإن ذلك طاعة مقبولة ثم إنه تعالى شرط على الضعفاء في جواز التخلف عن الغزو شرطاً معيناً وقوله سبحانه وتعالى :﴿ إذا نصحوا لله ورسوله ﴾ ومعناه : أنهم إذا أقاموا في البلد احترزوا عن إفشاء الأراجيف وإثارة الفتن وسعوا في إيصال الخير إلى أهل المجاهدين الذين خرجوا إلى الغزو وقاموا بمصالح بيوتهم وأخلصوا الإيمان والعمل لله وتابعوا الرسول ( ﷺ ) فإن جملة هذه الأمور تجري مجرى النصح لله ورسوله ﴿ ما على المحسنين من سبيل ﴾ أي ليس على من أحسن فنصح لله ولرسوله في تخلفه عن الجهاد بعذر قد أباحه الشارع طريق يتطرق عليه فيعاقب عليه والمعنى أنه سد بإحسانه طريق العقاب عن نفسه ويستنبط من قوله ما على المحسنين من سبيل أن كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله مخلصاً من قلبه ليس عليه سبيل في نفسه وماله إلا ما أباحه الشرع بدليل منفصل ﴿ والله غفور ﴾ يعني لمن تخلف عن الجهاد بعذر ظاهر أباحه الشرع ﴿ رحيم ﴾ يعني : أنه تعالى رحيم بجميع عباده.
قال قتادة : نزلت هذه الآية في عائذ بن عمرو وأصحابه.
وقال الضحاك : نزلت في عبد الله بن أم مكتوم وكان ضرير البصر. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon