السادسة في قوله تعالى :﴿ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع ﴾ ما يستدل به على قرائن الأحوال.
ثم منها ما يفيد العلم الضروريّ، ومنها ما يحتمل الترديد.
فالأوّل كمن يمرّ على دار قد علا فيها النعي وخُمشت الخدود وحُلقت الشعور وسُلِقت الأصوات وخرقت الجيوب ونادوا على صاحب الدار بالثُّبور ؛ فيُعلم أنه قد مات.
وأما الثاني فكدموع الأيتام على أبواب الحُكّام ؛ قال الله تعالى مخبراً عن إخوة يوسف عليه السَّلام :﴿ وجآءوا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ ﴾ [ يوسف : ١٦ ].
وهم الكاذبون ؛ قال الله تعالى مخبراً عنهم :﴿ وَجَآءُوا على قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ﴾ [ يوسف : ١٨ ].
ومع هذا فإنها قرائن يستدل بها في الغالب فتبنى عليها الشهادات بناء على ظواهر الأحوال وغالبها.
وقال الشاعر :
إذا اشتبكت دموع في خدود...
تبيّن مَن بَكَى ممن تَباكَى
وسيأتي هذا المعنى في "يوسف" مستوفى إن شاء الله تعالى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon