والنصرة منقبة شريفة، لأنها إعلاء كلمة الله، ونصر رسوله وأصحابه، والإحسان من أحوال المقربين أو مقاماتهم - قاله المهايمي -.
﴿ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ بما وفقهم إليه من الإيمان والإحسان، وما آتاهم من الثواب والكرامة ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ ﴾ وذلك بدل ما تركوا من دورهم وأهليهم، وبدل ما أعطوه للمهاجرين من أموالهم، ولغرسهم جنات القرب في قلوبهم، وإجرائهم أنهار المعارف في قلوبهم وقلوب من اتبعوهم بهذه الهجرة والنصرة والإحسان - قاله المهايمي ـ.
وقرأ ابن كثير :﴿ مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ كما هو في سائر المواضع.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ﴾ لتخليدهم هذا الدين بإقامة دلائله، وتأسيس قواعده، إلى يوم القيامة، والعمل بمقتضاه، واختيار الباقي على الفاني ﴿ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ أي : الذي لا فوز وراءه.
تنبيهات :
الأول : قال في " الإكليل " : في هذه الآية تفضيل السابق إلى الإسلام والهجرة، وأن السابقين من الصحابة أفضل ممن تلاهم.
الثاني : قيل : المراد بالسابقين الأولين جميع المهاجرين والأنصار، فمن بيانية لتقدمهم على من عداهم.
وقيل : بعضهم - وهم قدماء الصحابة - و من تبعيضية، وقد اختار كثيرون الثاني، واختلفوا في تعيينهم على ما ذكرناه أولاً، ورأى آخرون الأول.
روي عن حميد بن زياد قال : قلت يوماً لمحمد بن كعب القرظي : ألا تخبرني عن الصحابة فيما كان بينهم ؟ وأرد الفتن - فقال لي : إن الله تعالى قد غفر لجميعهم، وأوجب لهم الجنة في كتابه، محسنهم ومسيئهم.
قلت له :﴿ والسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ ﴾ الآية، فأوجب للجميع الجنة والرضوان، وشرط على تابعيهم أن يقتدوا بهم في أعمالهم الحسنة وألا يقولوا فيهم إلا حسناً لا سوءاً.


الصفحة التالية
Icon