إذن : فالسابقون من المهاجرين هم أهل بدر وأهل الحديبية، وهم أهل بيعة الرضوان الذين رُدُّوا مع رسول الله ﷺ عن العمرة، ثم عقد النبي ﷺ مع القرشيين المعاهدة.
والسابقون من الأنصار هم من جاءوا للنبي في مكة، وأعطوا له العزوة وأعطوا له الأمان والعهد، وكانوا اثني عشر في بيعة العقبة الأولى، وخمسة وسبعين في العقبة الثانية. هؤلاء هم السابقون، وأضاف الحق إليهم ﴿ والذين اتبعوهم بِإِحْسَانٍ ﴾ أي : من يأتي من بعدهم.
وسيدنا عمر له وقفة في هذه الآية، فقد رضي الله عنه يقرأها هكذا :" والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار " أي : يعطف كلمة الأنصار على " السابقون " وكانت قد نزلت :﴿ والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار ﴾ ويكمل سيدنا عمر بعد " والأنصار " " الذين اتبعوهم بإحسان " أي : أنه جَعل " الذين ابتعوهم " صفة للأنصار.
وجاء زيد بن ثابت ليقول لسيدنا عمر :" قرأناها على غير هذا الوجه يا ابن الخطاب ". قال : فماذا؟ قال :﴿ والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم ﴾.
فقال عمر : ابعث إلى أبيّ بن كعب، وكان ابن كعب حجة في القرآن فقال أبيّ : هكذا سمعتها - كا قال زيد - من رسول الله ﷺ وأنت تبيع القَرَظ في البقيع. أي أن أبيّ بن كعب كان ملازماً للنبي ﷺ بينما عمر يبيع القرظ، فضحك عمر وقال : لو قلت شَهِدت أنت وغِبْنا نحن، وقرأها عمر من بعد ذلك كما نزلت.
﴿ والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بِإِحْسَانٍ ﴾ خصوصاً أن سيدنا أبيّاً البصير بالقرآن جاء بأكثر من دليل من غير هذه الآية فقد قال الحق :﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ... ﴾ [ الجمعة : ٣ ]


الصفحة التالية
Icon