وقال الثعلبى :
﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ الأعراب مُنَافِقُونَ ﴾
نزلت في مزينة وجهينة وأسلم وأشجع وغفار وكانت منازلهم حول المدينة ﴿ وَمِنْ أَهْلِ المدينة ﴾ فيه اختصار وإضمار تقديره ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق، أي مرّنوا وتربّوا عليه يُقال : تمرّد فلان على ربّه ومرد على معصيته أي مرن وثبت عليها واعتادها ومنه : تمريد ومارد وفي المثل : تمرّد مارد وعزّ الإباق، وقال ابن إسحاق : لجّوا فيه وأبوا غيره، وقال ابن زيد وابان بن تغلب : أقاموا عليه ولم يتوبوا كما تاب الآخرون، وأنشد الشاعر :
مرد القوم على حيهم... أهل بغي وضلال وأشر
﴿ لاَ تَعْلَمُهُمْ ﴾ أنت يا محمد ﴿ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾ قال قتادة في هذه الآية : ما بال أقوام يتكلّفون على الناس يقولون فلان في الجنة وفلان في النار فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال : لا أدري أخبرني أنت بنفسك أعلم منك بأعمال الناس ولقد تكلفت شيئاً ما تكلفه الأنبياء قبلك قال نبي الله نوح ( عليه السلام ) :﴿ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [ الشعراء : ١١٢ ] وقال نبي الله شعيب ( عليه السلام ) :﴿ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ﴾ [ هود : ٨٦ ] وقال الله لنبيه عليه السلام :﴿ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ﴾ واختلفوا في هذين العذابين وروي عن أبي مالك عن ابن عباس قال :" قام رسول الله ﷺ خطيباً يوم الجمعة فقال : أخرج يا فلان فإنك منافق. اخرج يا فلان فإنك منافق ".
فأخرج من المسجد ناساً وفضحهم " فهذا العذاب الأول، والثاني عذاب القبر.
وقال مجاهد : بالجوع وعذاب القبر، وعنه أيضاً : بالجوع والقتل وعنه بالجوع مرّتين، وعنه : بالخوف والقتل.
وقال قتادة : عذاب الدنيا وعذاب القبر، وفيه قصة الأثني عشر في حديث حذيفة.


الصفحة التالية
Icon