فصل


قال الفخر :
﴿ وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾
وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿وَءاخَرُونَ اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ﴾ فيه قولان : الأول : أنهم قوم من المنافقين.
تابوا عن النفاق.
والثاني : أنهم قوم من المسلمين تخلفوا عن غزوة تبوك، لا للكفر والنفاق، لكن للكسل، ثم ندموا على ما فعلوا ثم تابوا، واحتج القائلون بالقول الأول بأن قوله :﴿وَءاخَرُونَ﴾ عطف على قوله :﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مّنَ الأعراب منافقون﴾ والعطف يوهم التشريك إلا أنه تعالى وفقهم حتى تابوا، فلما ذكر الفريق الأول بالمرود على النفاق والمبالغة فيه.
وصف هذه الفرقة بالتوبة والإقلاع عن النفاق.
المسألة الثانية :
روي أنهم كانوا ثلاثة : أبو لبابة مروان بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن حزام، وقيل : كانوا عشرة.
فسبعة منهم أوثقوا أنفسهم لما بلغهم ما نزل من المتخلفين فأيقنوا بالهلاك، وأوثقوا أنفسهم على سواري المسجد فقدم رسول الله ﷺ فدخل المسجد فصلى ركعتين وكانت هذه عادته، فلما قدم من سفره ورآهم موثقين، سأل عنهم فذكر له أنهم أقسموا أن لا يحلوا أنفسهم حتى يكون رسول الله هو الذي يحلهم، فقال : وأنا أقسم أني لا أحلهم حتى أومر فيهم، فنزلت هذه الآية فأطلقهم وعذرهم، فقالوا يا رسول الله هذه أموالنا وإنما تخلفنا عنك بسببها، فتصدق بها وطهرنا، فقال :" ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً " فنزل قوله :﴿خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً﴾ [ التوبة : ١٠٣ ] الآية.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon