والباء للسببية كقوله تعالى :﴿ نتربص به ريب المنون ﴾ [ الطور : ٣٠ ] وجُعل المجرور بالباء ضمير المخاطبين على تقدير مضاف.
والتقدير : ويتربص بسبب حالتكم الدوائر عليكم لظهور أن الدوائر لا تكون سبباً لانتظارِ الانقلاب بل حالهم هي سبب تربصهم أن تنقلب عليهم الحال لأن حالتهم الحاضرة شديدة عليهم.
فالمعنى أنهم ينتظرون ضعفكم وهزيمتكم أو ينتظرون وفاة نبيكم فيظهرون ما هو كامن فيهم من الكفر.
وقد أنبأ الله بحالهم التي ظهرت عقب وفاة النبي ﷺ وهم أهل الردة من العرب.
وجملة :﴿ عليهم دائرة السوء ﴾ دعاء عليهم وتحقير، ولذلك فُصلت.
والدعاء من الله على خلقه : تكوين وتقدير مشوبٌ بإهانة لأنه لا يعجزه شيء فلا يحتاج إلى تمني ما يريده.
وقد تقدم الكلام عليه عند قوله تعالى :﴿ فلعنة الله على الكافرين ﴾ في سورة البقرة ( ٨٩ ).
وقد كانت على الأعراب دائرة السوء إذ قاتلهم المسلمون في خلافة أبي بكر عام الردة وهزموهم فرجعوا خائبين.
وإضافة دائرة } إلى ﴿ السوء ﴾ من الإضافة إلى الوصف اللازم كقولهم : عِشاءُ الآخِرة.
إذ الدائرة لا تكون إلا في السوء.
قال أبو علي الفارسي : لو لم تضف الدائرة إلى السوء عُرف منها معنى السوء لأن دائرة الدهر لا تستعمل إلا في المكروه.
ونظيره إضافة السوء إلى ذئب في قول الفرزدق:
فكنتَ كذئب السَّوء حين رأى دَماً...
بصاحبه يوماً أحال على الدم
إذ الذئب متمحض للسوء إذ لا خير فيه للناس.
والسَّوء بفتح السين المصدر، وبضمها الاسم.
وقد قرأ الجمهور بفتح السين.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحدهما بضم السين.
والمعنى واحد.
وجملة :﴿ والله سميع عليم ﴾ تذييل، أي سميع ما يتناجون به وما يدبرونه من الترصد، عليم بما يبطنونه ويقصدون إخفاءه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon