وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَءاخَرُونَ اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ ﴾
يعني : بتخلفهم عن الغزو وهم : أبو لبابة بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن خزام.
﴿ خَلَطُواْ عَمَلاً صالحا ﴾، وهو التوبة، ﴿ وَءاخَرُونَ اعترفوا ﴾ بتخلفهم عن غزوة تبوك.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري قال : تخلف أبو لبابة عن غزوة تبوك، فربط نفسه بسارية المسجد، ثم قال : والله لا أحلّ نفسي منها، ولا أذوق طعاماً، ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله عليّ.
فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً، حتى كاد يخر مغشياً عليه، حتى تاب الله عليه فقيل له : قد تيب عليك.
فقال : والله لا أحل نفسي، حتى يكون رسول الله ﷺ هو الذي يحلني.
فجاء النبي ﷺ فحلّه بيده.
ثم قال أبو لبابة : يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن انخلع من مالي كله وأجعله صدقة لله تعالى ولرسوله.
فقال :" يُجْزِيكَ الثُّلُثُ يا أبا لُبَاَبَة ".
وروي عن الزهري، عن كعب بن مالك قال : أول أمر عتب على أبي لبابة أنه كان بينه وبين يتيم عذق، فاختصما إلى رسول الله ﷺ : فقضى به لأبي لبابة فبكى اليتيم، فقال له النبي ﷺ :" دَعْهُ " فأبى.
قال :" فَأَعْطِهِ إيّاهُ وَلَكَ مِثْلُهُ فِي الْجَنَّةِ ".
قال : لا.
فانطلق أبو الدحداحة، فقال لأبي لبابة : بعني هذا العذق بحديقتي؟ قال : نعم.
ثم انطلق إلى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله أرأيت إن أعطيت هذا اليتيم هذا العذق ألي مثله في الجنة؟ قال :" نَعَمْ ".
فأعطاه إيّاه قال وأشار أبو لبابة إلى بني قريظة حين نزلوا على حكم سعد بن معاذ.


الصفحة التالية